"فرِّغ قلبَك قبلَ أن يأتيَ رمضان"
للكاتبة / أمل الشقير
جزاها خيراً وجزى من سعى في نشرها
هل أنت َ مستعد ٌ لأن تعيشَ روحانيةَ َ رمضان؟
هل أنهيت َ أشغالَك و لوازمَ بيتِك، و رتبتَ جميعَ أمورِك؟
هل راقبت َ خطرات ِ قلبِك، وهذّبتَ نزواتِك؟
كيف هي علاقتُك مع ربِك؟
كيف هي علاقاتِك مع الآخرين؟
هل همتُك مشحوذة، و قلبُك متلهف ٌ يترقب؟!
هل بدأ رمشُك يرفُ شوقا و دمعةُ اللهفةِ تتلألأُ في عينيك؟
إنْ كان جوابُك هو "لا" ؛ فمن الآن فبادرْ!
فإنه لم يتبقَ إلا القليلَ ليهلّ علينا الشهرُ الفضيل، بلّغنا الله ُ إياه.
فاحرصْ على ألا يدخلَ عليك هذا الضيفُ العزيزُ إلا و قد أعددت َ لاستقباله العدة.
تأمل قولَ الله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} سورة التوبة.
سؤالٌ صريح: هل عدتك جاهزة؟
أم أن َ الخمولَ والكسل َ يعتريان همتك؟
أما تخشى أنْ تكونَ مِن الذين "كره الله انبعاثهم فثبطهم" سورة التوبة.
عليك من اليوم أن تبادرَ إلى تفريغ ِ قلبِك من كل شاغل ٍ قبلَ أن يدخلَ عليك رمضان.
حتى إذا ما بلّغك َ الله ُ إياه؛ تذوقتَ حلاوتَه، و أنِست َ بلياليه، وتضلّعتَ من قراءة ِ كتاب ِربِك فيه. وتنعمت َبالصوم ِوالصلاة ِ والقيام بلذة و أنس.
فرغ قلبك.. ولملمْ أبناءك مِن حولك، واقصصْ عليهم سيَرَ الصالحين في شهر ِ رمضان، قل لهم لقد كان عامُهم كله وكأنه رمضان، أخبرْهم كيف كان السلف ُيدعون الله َستة َأشهر ٍأن يبلغَهم رمضان، ثم يدعونه ستة َ أشهر ٍ أن يتقبلَه منهم، وكأن ليس لهم همٌّ طوالَ العام ِ إلا التحسُرُ على فراق ِرمضان، ثم الشوق ُ إلى لقياه ُ من جديد!
فها هو رمضان ُالآن على الأبواب
فأرِنا ما أنت فيه صانع!
لمّ شعث َ نفسِك، وقلْ لها : "ما أدراك ِ!! فقد يكونُ هذا هو آخر رمضانَ تدركنه !!
فأنت مقبل ٌ - إن شاء الله ُ - على رحلة ٍ إيمانية ٍ ممتعة
لن يركبَ سفينتها إلا أنت وأقوام ٌ صالحون، ولكنهم أخفياء ُأتقياء، لا يعلم عن أحوالِهم إلا اللهُ!
لقد أخفوا عن الخلق ِأعمالَهم الصالحة، فأخفى الله لهم الثوابَ الجزيل:
" فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين"
فكن مثلَهم خفيا نقيا تقيا
لا تعلم يمينُك ما أنفقت شمالك
تدمع عينُك خشية ً من الله
فتصد َ بالدمع ِ عنهم
انسحبْ منهم خلسة ً إلى حجرتِك وتبتل ْهناك في محرابك بعيدا عنهم.
أعلمُ أن ذلك ليس يسيرا على أنفسنا، فقد أغرقتنا الدنيا بلهوِها و زينتها، ولكن لا يخفى علينا أجرُ منْ جاهدَ نفسَه، فإنه مأجورٌ على ما يلاقيه من نصب ٍ ومشقة ٍ في تفريغ ِ قلبه لاستقبال رمضان.
فكلما فترت همتُك، و وهَن عزمُك ؛ تذكرْ وعد َ الله لك: {وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا}
فجاهد ْ نفسَك ليهديَك الله سُبلَه.
فقد جاهدَ أحدُ السلف ِ نفسَه على قيام ِ الليل ِعشرين عاما، ثم تلذذ به عشرين عاما !!
انضمَ إلى مجموعة ٍ تتدارسُ القرآن َ لتنالَ معهم شرفَ حف ِ الملائكة ِمجلسَكم.
ادرسْ معهم، و تعاهدْ معهم حفظَك..
فقد أخبرنا الحبيبُ ﷺ أن الذئبَ لا يأكلُ من الغنم ِ إلا القاصية، فكلما كنتَ إلى الجماعة ِ أقربَ؛ كنت - بإذن الله - عن الزلل ِأبعد!
أما علمت َأن رسولَنا الكريمَ كان يجلسُ في رمضانَ إلى جبريلَ ليراجعَ القرآنَ ، ويعرضُه عليه ؟
فهلا ّ اتخذتَ لك صاحبا يعينُك على طاعة ِالله ِو تعينُه؟
اااه كم اشتاقت أرواحُنا إليك يا رمضان..!
كم اشتقنا إلى تراتيل ِمحاريبك في نسمات ِ الليل ِالباردة، وإلى ظمأ ِهواجرِك لتقربَنا إلى الله زلفى، فتقوى العلائق ُ بين العبد ِ والرب حتى لكأن أرواحَنا تطوفُ وتُحلّق ُ في نعيم ٍ تلو نعيم، وعبادة ٍ تلو عبادة.
ارسم اليوم َ- خطتَك انوِ أن تعملَ صالحا و اسأل الله القبول..!
قم هذه الليلة َ في السحر
و انطرحْ بين يديه
ناجِه .. نادِه ، وقل: يا رب، أنا مقبلٌ عليك، وأنت قد وعدتَ - ووعدُك الحق - ، أنني إن تقربَتُ إليك شبراً؛ تقربَتَ إلي ذراعاً، و إن تقربَتُ إليك ذراعاً؛ تقربَت إلي باعاً، و إن أتيتك أمشي، أتيتني هرولة.
وإني - يا الله - لطامعٌ في الركض ِ إليك، فأعني على نفسي، و اخسأ شيطاني ، واصرفْ قلبي عن زينة ِ الدنيا!
انطرحْ بين يديّ ربك
.. تذلل له ..
أرسلْ على وجنتيك دموعا حبسَتْها ملهيات ُ الدنيا عن البكاء من خشية ِ الله.
و ناد ِ : يا رب، إن شهرَك الفضيلَ قد أقبل، وإني إليك راغب، و ما زلت في شعبان لكني عجلتُ إليك ربي لترضى..!
وكل رمضان وانتم إلى الله أقرب